افتتح النقاش في البرلمان بسؤال من أحد المستشارين إلى السيد الوزير حول مصير مدونة القانون الجنائي، حيث عبّر المستشار عن رغبته في تجنب الحديث عن الحكومات السابقة والتركيز على الإصلاح التشريعي المرتبط بمنظومة العدالة، مؤكداً أهمية ملاءمة القوانين مع الحقوق الدستورية، وخاصة القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية.
وأشار إلى أن استعمال مصطلح "مدونة" مجازفة بسبب التشتت التشريعي الذي يجعل المضامين الجنائية موزعة بين عدة نصوص قانونية، ما يصعب عملية الإصلاح الشامل. وأضاف أن البرلمان في صدد التصويت على قانون جديد حول التراث يتضمن مواد تجرم وتعاقب، وهو ما يعيد طرح سؤال مصير المدونة الجنائية.
ردّ الوزير بأن الوزارة أنهت العمل على مشروع القانون الجنائي داخلياً، لكنه لا يزال موضوع نقاش حاد، بين من يدافع عن مقاربات حداثية ومن يدافع عن الأصالة. واستمر هذا النقاش لمدة سنتين عبر مختلف مستويات الوزارة دون التوصل إلى توافق نهائي. وقال إنه "متشائل"، أي لا متفائل ولا متشائم، وأنه يفضّل عدم تقديم مشروع قانون لا يعكس قناعات الحكومة وبرنامجها.
في تعقيب المستشار، عبّر عن خيبة أمل من هذا الرد، موضحاً أن التأخر في إصلاح القانون الجنائي يعوق تفعيل دستور 2011، الذي يقوم على حماية الحقوق والحريات. وأضاف أن هناك فئات مهمشة تواجه القانون الجنائي الحالي، والذي يحتوي على نصوص قديمة تعود لحقبة الحماية ولا تراعي تطور المجتمع والدستور الجديد، مشدداً على ضرورة تسريع الإصلاح.
عاد الوزير للرد، موضحاً أنه يشارك نفس الرغبة في الإصلاح، مؤكداً على ضرورة قانون جنائي جديد يواجه التحديات المعاصرة مثل الذكاء الاصطناعي، الهجوم على الحياة الخاصة، والعقوبات مثل الإعدام والمؤبد، التي أصبحت مثار جدل. وشدد على أن الجواب على هذه التحديات هو القانون، وأنه يجب أن يكون قانوناً حديثاً شاملاً ونتاج نقاش صريح وجريء، بعيداً عن أي تردد أو خوف من الجدل المجتمعي.
ثم انتقل النقاش إلى موضوع جديد حول تعويضات حوادث السير، حيث تم طرح سؤال عن مدى عدالة التعويضات الحالية. ورد الوزير بأن ظهير 1984 سيئ لأنه يميز بين الفقراء والأثرياء في التعويضات بناءً على الدخل. وأوضح أنه تم العمل على مراجعة هذا النظام، بما في ذلك رفع الحد الأدنى للتعويض وتحسين أداء صندوق مال الضمان، الذي كان يعاني من مشاكل في صرف المستحقات رغم توفره على أموال كبيرة. وأكد أن الإصلاحات مستمرة، وتهدف إلى تسوية جميع الملفات العالقة خلال العامين المقبلين.
صحيح، وفي هذا الجزء من الحوار، تناول الوزير موضوع تعويضات حوادث السير بلهجة نقدية قوية تجاه ظهير 1984، واصفاً إياه بأنه "سيئ جداً"، لأنه يُخضع قيمة التعويض للدخل، مما يجعل الأغنياء يحصلون على مبالغ كبيرة، فيما يُمنح الفقراء "الفتات".
وأوضح الوزير أن الوزارة شرعت في مراجعة هذا النظام الجائر عبر مجموعة من الخطوات:
. رفع الحد الأدنى للتعويضات: من حوالي 9,270 درهم إلى 14,270 درهم، بعد مشاورات مع شركات التأمين ووزارة المالية.
. إصلاح صندوق مال الضمان: أشار الوزير إلى أن الصندوق، الذي يُفترض أن يعوّض ضحايا الحوادث في حالة غياب التأمين، كان يعاني من اختلالات كبيرة، منها:
تراكم المليارات دون صرفها.
عدم أداء المستحقات للمحامين والمصاريف القضائية.
خضوع الأموال غير المصروفة للضرائب بدل توجيهها للمتضررين.
وبعد تغيير إدارة الصندوق، تم التوصل إلى اتفاق لتسوية المستحقات، حيث:
تم صرف 90 مليون درهم سنة 2023.
وتم صرف 43 مليون درهم حتى نهاية أبريل 2025.
وهناك التزام بمواصلة الأداء وتسوية كل الملفات في غضون سنتين.
وختم الوزير بالتأكيد أن هذه الإصلاحات تهدف إلى العدالة الاجتماعية والقطع مع ممارسات إدارية بيروقراطية أضرت بالمواطنين لسنوات.
النتيجة:
الحوار يعكس تعثراً في إصلاح منظومة العدالة الجنائية، رغم الاعتراف السياسي بأهميتها، مع وعود باستكمال الورش في ظل استمرار النقاش والاختلافات في الرؤى. كما يكشف الحوار عن تحركات عملية لتصحيح مظالم اجتماعية في مجالات أخرى كتعويضات حوادث السير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. وشكرا على التعليق